أنقذوا مواطنينا من ووهان
بقلم محمد شمس الدين / إعلامي وكاتب صحفي سوداني مقيم في القاهرة
في الوقت الذي مازال ينتظر فيه الشعب السوداني في كل مكان خبر إجلاء مواطنيهم من مدينة #ووهان يخرج بيان الخارجية السودانية الذي يتسم بالبرود والبعد عن المسؤولية و استخدام تعبيرات الوصاية التي عودنا عليها النظام البائد للأسف الشديد وكأنه تمت طباعته من ملف مكتوب في عهد النظام السابق.. ثم يخرج بيان من مجلس السيادة يظهر منها من التفاعل مع مواطنينا المحاصرين بكارثة #فيروس كورونا في ووهان.. ولم يكن البيان للأسف الشديد إلا بروباغاندا خالية من أي معلومة تنفيذية تفيد بأن طائرة تحركت وعليها طاقم طبي ووصلت إلى ووهان وأن المواطنين في طريقهم إلى البلاد.. مزودا بلقطات تثبت صحة مايقال.
هذه المهمة التنفيذية بامتياز كان يجب أن يصدر بشأنها بيان بعبارات حقيقية وعملية تطمئن الناس من مجلس الوزراء أو من وزير الإعلام.. أو من وزارة الخارجية صاحبة البيان المخيب للآمال..
بيان مجلس السيادة الذي لم يحمل سوى المطالبة للجهات التنفيذية بسرعة التحرك بالتزامن مع الذي تداول خبر لقاء #البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الذي أكد عبر صفحته في تويتر ) وهذا بحد ذاته أمر يحتاج لمساحة نقاش منفصلة.. والخشية أن يكون توقيت مطالبة البرهان هدفه صرف الأنظار عن هذا الحدث بدلا من نفي أو تأكيد خبر اللقاء وتوضيح ملابساته والهدف منه ومادار في اللقاء وماهي الفائدة منه ومن حضره تحديدا.. وفي حال كان الأمر كذلك فهذا سيخصم كثيرا من رصيد الثقة في المجلس السيادي بمكونيه العسكري والمدني وننتظر بيانا توضيحيا بشأن اللقاء ومادار فيه وبالمناسبة فالشارع السوداني ليس مستعدا أبدا الآن لمثل هذا التطور وحتما ستكون له ارتداداته للسبب الذي أشرت إليه، ولكن الوقت ليس إلا وقت سلامة المواطنين السودانيين الذي يستنجدون يوميا منذ أكثر من أسبوع ويتحسرون لرؤية غيرهم يغادرون.
وما يعزز سيناريو البروباغاندا .. أن تعبير جسر جوي لم يكن دقيقا لأن الجسر يعني أن عدد أفراد الجالية كبير جدا وسيحتاج لعدد من الطائرات وهذا غير صحيح فالمعلومات الواردة من هناك تفيد بأن طائرة مدنية واحدة سعة 300 راكب ستكفي لنقلهم جميعا ونقل مواطنين من دول مجاورة أن وجدوا.. فإما هو اجتهاد من الزميل المحرر أو ربما أن الموقف دفعهم لاستخدام تعبير يضفي نوعا من البروباغاندا هو سبب استخدام المصطلح وبما أنه تعبير عسكري في الأساس فنتوقع أن نشاهد طائرات عسكرية تنقل أفراد الجالية بحلول صباح الغد .. وإلا فإن ما أشرت إليه صحيح للأسف.
كان من السهل أن تطلب السودان من الدول الشقيقة التي أرسلت طائرات كانت بها مقاعد زائدة كثيرة .. مصر أرسلت طائرة كبيرة أجلت عبرها 301 من مواطنيها بطائرة واحدة.. أما الجزائر فقد أجلت بطائرة كبيرة حوالي 70 شخصا بينهم جزائريون وتونسيون وليبي بما فيهم طاقم الطائرة والفريق الطبي أي أن نفس الطائرة كان بإمكانها أن تقل أفراد الجالية السودانية أيضا وتكون طائرة سودانية بانتظارهم في العاصمة الجزائر ويصلون بأمان إلى الخرطوم .. ونعيد التذكير بأنهم جميعا غير مصابون بالفيروس وهذا أمر يدعوا للاطمئنان.. ولكن لابد أيضا من حجرهم احتياطيا كما تلعل جميع الدول التي تجلي مواطنيها بالمناسبة لابد من الإشادة بالتجربة المصرية وهي تخصيصا فندقا في مدينة العلمين السياحية بمحافظة مرسى مطروح شمال مصر ليحظى من وصلوا بحجر صحي احتياطي لمدة أسبوعين هي فترة حضانة الفيروس وفي ذلك طمأنة عالية لمواطنيها وتقييم لمواطنيها وما هذا إلا واجبها وواجب أي سلطة تنفيذية لأي بلد من بلاد العالم .
أجدد مناشدتي لرئيس الوزراء بتبيان حقيقة الموقف بجميع زواياه وأبعاده ليتم فعل ما يلزم بتكاتف أبناء الشعب السوداني فالجميع في حيرة ولا يعرف سبب التأخير الذي لا أظنه إلا سبب ماديا بحتا وبما أنه كذلك فالموقف كان يتطلب إلغاء أو تأجيل أي زيارات خارجية بروتوكولية وتوجيه تكلفة تلك الزيارات لاستئجار الطائرة أو طلب العون من دولة أخرى كما أسلفت.
السودانيون يحتاجون توضيحات أكثر شفافية في هذا التوقيت الحرج وهم قادرون على إنقاذ الموقف بأنفسهم وقد أثبتوا قدرتهم مرارا على جمع التمويل اللازم لإقامة أي نشاط أو مشروع إسعافي.
مجددا أناشد رجال أعمال بلادي لسرعة التدخل واستئجار طائرة واحدة كبيرة فإحصائيات الإصابات والوفيات في ازدياد مضطرد ومخيف و الخشية أن يقع الفأس في الرأس ونتحسر جميعا بسبب تأخرنا في القيام بما يلزم.