محمد شمس الدين يكتب: كورونا في مواجهة الشعب و السلطات
لاشك في أن تباطؤ السلطات السودانية في اتخاذ مايلزم من خطوات أكثر وقائية تجاه انتشار فيروس كورونا سيؤدي لنتائج وخيمة.. وحتى لا أكون مجحفا فإن الحكومة اعتمدت على مستوى وعي الشارع وقد جربت مستوى تجاوبه مع نداءاته في مناسبات سابقة على مدار أشهر .
إلا أنه وفي تقديري فإن السلطات لا تتعامل بالمستوى المنشود مع حقيقة أن فيروس_كورونا موجودة في السودان منذ بداية مارس وربما قبل ذلك.. مايعني أنه لابد أن تتخذ مزيدا من الإجراءات لتواكب ما اتخذته دول العالم ودول الجوار من خطوات احترازية رغم قساوتها.. وربما كان السبب هو الخشية من إحداث حالة فزع في الشارع فيما لو كانت الشفافية في أعلى صورها.. لكن لا بد أن تعي السلطات أن المواطن بات يستقي اليوم معلوماته لحظيا وفوريا من وسائط التواصل الاجتماعي صحيحة كانت أو إشاعة.. وبدلا من أن يتحقق منها من مصدر موثوق (تلفزيون السودان) سيتعامل مع مايصله بكل حال.. كما أن التردد في اتخاذ القرارات والخطوات اللازمة يفقد الشارع ثقته في ما لدى السلطات الصحية من معلومات.
مربط الفرس هو التوعية عبر وسائل الإعلام، والتي مازالت في مستوى خجول جدا لدرجة أن التعامل مع هذه الجائحة العالمية في وسائل الإعلام الرسمية يشابه التعامل مع أحداث الثورة قبل سقوط النظام، حيث لم يكن ينقل تلفزيون البلاد سوى الأخبار المنقوصة أو المغلوطة.. وفي رأيي فإن ذلك هو سبب عدم تجاوب الشارع بالسرعة المنشودة مع نداءات وقرارات السلطات، الأمر الذي يجعل من ذلك فرصة لمن يريد الفشل للحكومة ولو على حساب حيوات الناس.
وعليه لابد من رفع مستوى الاستعداد في تلفزيون السودان -الذي هو مصدر المعلومة لدى الملايين في الأطراف- وفتح ساعات تغطية مطولة يوميا بهدف التوعية واستضافة خبراء الصحة من السودان وخارجها لرفع مستوى وعي الشارع بخطورة هذا الفيروس وسبل الوقاية منه.. وأي حديث آخر على الشاشة في هذه الأيام غير مجد بل هو خصم على الشاشة وعلى المواطن الذي ستفوته كثير من المعلومات الضرورية التي ستحمي حياته.
على الأرض.. منع التجمعات يعني منع كل ما يسهل التجمعات من وسائل المواصلات.. ولو لزم الأمر لتفعيل القانون فليكن ذلك.
ليس لدى الدولة مايلزم من موارد لتغطية تكاليف علاج هذا الفيروس اللعين والأهم تغطية آثاره.. الأمر الذي رصدت له دول العالم مئات ملايين الدولارات.. لذلك فإن استثمار ما كان سيدخل للخزينة من عمل الناس في الوقاية اليوم.. خير من خسارة أضعاف مضاعفة في العلاج غدا.
لابد أن يتوقف الجميع عن التجول خارج البيت إلا للضرورة القصوى. و لابد من استمرار العمل كما هو في مصانع و متاجر الأغذية والدكاكين الصغيرة ومصانع الدواء و الصيدليات والمستشفيات وشركات الاتصالات- لساعات قليلة في اليوم – والجيش والشرطة والإدارات التنفيذية للوزارات ومن يمكنه أن يعمل من بيته فليفعل.
وفيما يتعلق بأداء العبادات فإن بإمكان الجميع أن يؤدوا عباداتهم مؤقتا في البيت و قد صدرت الفتاوى التي توضح وتفصل في ذلك.. حتى أن صلاة الجماعة في الحرمين قد أوقفت درءا لما لا تحمد عقباه.
ليكن البيت مكاننا الوحيد خلال الأسبوعين القادمين، أو حتى تعلن منظمة الصحة العالمية أي مستجدات بشأن العودة للحياة الطبيعية.
لنمتنع عن زيارة الأقارب.. لنتوقف مؤقتا عن عاداتنا الحسنة في صلة الأرحام و أداء واجب الزيارة وكذلك لنتوقف عن عاداتنا السيئة لاسيما البصق في الطرقات وفرك العينين باليدين ومسح الأنف بدون المناديل الورقية.. او العطس دون تغطية الفم والأنف بمنديل.
لنفعل أساليب التواصل الاجتماعي الحديثة بدءا بالتواصل هاتفيا مرورا بالتراسل الفوري عبر مختلف الوسائط.. ومحدثات الفيديو التي ستهون الموقف.
وعلى شركات الاتصالات أن تشجع الناس على البقاء في البيوت والاستمتاع بباقات انترنت مفتوحة السعة لمدة أسبوعين علما ان ذلك سيصب في مصلحتها حيث سيعزز الأمر علاقة الشركات بعملائها على المدى المتوسط والطويل.
إن تعاونّا في تطبيق بروتوكول “خليك في البيت” لمحاربة هذا الفيروس اللعين فسننجح في تجنيب البلاد شرا فتك بأكثر من عشرين ألف نسمة ولازال يفتك بالمزيد حول العالم.
لابد من تسجيل تحية شكر للجيش الأبيض من الطبيبات والأطباء في مختلف دول العالم ومن ضمنهم أطباء السودان الذين يقاتلون في جبهة ملتهبة ويواجهون الكثير من الحقائق والوقائع التي تعرض حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر من أجل إنقاذ حياة الآخرين.
لنتذكر جميعا أن السلطات وحدها لن تتمكن من محاربة هذا الفيروس.. نحن من سنحدث الفرق .. وكلمة السر هي الوقاية.