اسرائيل وقعت اتفاقي التطبيع مع الإمارات والبحرين في البيت الأبيض
بوابة السودان – واشنطن
وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء في البيت الأبيض اتفاقين تاريخيين مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين من شأنهما تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط تحت رعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحريص على تقديم نفسه على أنه “صانع سلام” قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقال ترامب خلال حفل التوقيع في البيت الابيض “بعد عقود من الانقسامات والنزاعات، نشهد فجرا لشرق اوسط جديد”، مؤكداً أن “خمسة أو ستة” بلدان عربية إضافية ستحذو حذوهما “قريباً جداً” دون أن يسميها.
بدوره وصف نتانياهو هذين الاتفاقين بانهما “منعطف تاريخي” وأنهما “يمكن أن يضعا حدا للنزاع الاسرائيلي-العربي”.
وأمام حشد كبير رغم جائحة كوفيد-19، لم يبخل نتانياهو في كيل المديح “لصديقه” ترامب قبل أن يقول بالعربية لمحاوريه “السلام عليكم”. لكنه لم يتطرق إلى مصير الفلسطينيين الغائبين عن حفل الثلاثاء حتى وإن ذكر وزيرا الإمارات والبحرين بالقضية الفلسطينية.
وبعد أن حيا “تغييراً في صميم الشرق الأوسط”، شكر وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان شخصياً نتانياهو لأنه اختار السلام ولأنه قرر “وقف ضم أراض فلسطينية”، حتى وإن كان الأخير يؤكد أن الأمر ليس أكثر من تأجيل.
وقال بن زايد إن “كل خيار غير السلام سيعني الدمار والفقر والمعاناة الإنسانية”. وأضاف أن “معاهدة السلام سوف تمكننا من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني”. وتابع أن “الهدف من معاهدات السلام هو العمل من أجل استقرار المنطقة”، وأن “هذه الاتفاقية تأتي لتفتح آفاقا أوسع لسلام شامل في المنطقة”.
بدوره، قال وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني إن “اليوم يمثل لحظة تاريخية لكافة شعوب الشرق الأوسط. الإعلان الذي يدعم السلام بين البحرين وإسرائيل خطوة تاريخية في الطريق إلى سلام دائم”.
وأضاف أن “اتفاق اليوم يعتبر خطوة مهمة أولى والآن يقع على عاتقنا العمل بنشاط لإنجاز السلام … حل الدولتين هو الحل العادل والمستدام للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وهو أساس للسلام”.
ووقع نتانياهو الاتفاقين الثنائيين مع الوزيرين بعد إعلان مشترك وقعه الثلاثة بالأحرف الأولى إلى جانب الرئيس الأميركي. لكن لم تحدث أي مصافحة بالأيدي في ظل جائحة كوفيد-19.
اختراق استراتيجي
والإمارات والبحرين هما أول من يعترف بإسرائيل منذ اتفاقيات السلام بين مصر والأردن في 1979 و1994. وتشترك الإمارات والبحرين مع إسرائيل في العداء تجاه إيران التي تعد أيضًا العدو اللدود لواشنطن في المنطقة.
وتقيم العديد من الدول النفطية العربية بتكتم اتصالات مع السلطات الإسرائيلية منذ سنوات، لكن تطبيع العلاقات يؤمن فرصا كثيرة، لا سيما الاقتصادية منها، لتلك البلدان التي تحاول التخلص من عواقب أزمة فيروس كورونا المستجد.
ويؤكد ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “إنه إنجاز من الدرجة الأولى” ، مشددا على أنه “لا ينطوي على مخاطرة” للاسرائيليين “بالدرجة نفسها” التي واجهها مناحيم بيغن “عندما تخلى عن سيناء” لمصر، أو اسحق رابين عندما وافق على التفاوض مع ياسر عرفات.
ولا تزال “رؤية السلام” التي قدمها دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام بهدف إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل نهائي، بعيدة عن النجاح، إذ رفضتها السلطة الفلسطينية التي لا تريد أن يقوم الرئيس الأميركي حتى بدور وسيط منذ أن اتخذ سلسلة قرارات مؤيدة لاسرائيل.
لا سلام بدون انهاء الاحتلال
واكد بيان صادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الثلاثاء عقب التوقيع على اتفاقي السلام أن الاخير لن يتحقق في المنطقة “بدون انهاء الاحتلال” الاسرائيلي.
وحذر عباس في بيانه “نحذر من جديد بأنه لن يتحقق سلام أو أمن أو استقرار لأحد في المنطقة، بدون إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة كما تنص عليها قرارات الشرعية الدولية”.
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن الثلاثاء سيكون “يوما أسود” في تاريخ العالم العربي، منتقدا “الانقسامات” فيه.
ونظم الفلسطينيون تظاهرات الثلاثاء احتجاجاً على اتفاقين اعتبروهما “طعنة في الظهر” من قبل الدولتين المتهمتين بعقد اتفاق مع الدولة العبرية من دون انتظار ولادة دولة فلسطينية. كما تجمع العشرات خارج البيت الأبيض للتعبير عن احتجاجهم خلال حفل التوقيع.
لكن إدارة ترامب لطالما أبدت عزمها على أبدت عزمها على إحداث تغيير جذري في المنطقة بتحقيق تقارب بين إسرائيل والعالم العربي في وجه إيران.
ويعكس الاتفاقان بوادر هذا التغيير ويعيدان القضية الفلسطينية إلى مرتبة أدنى، وهو ما كان يأمل به البيت الأبيض. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية انور قرقاش قبيل التوقيع إن الاتفاق “ليس موجها ضد أحد”.
وقال في لقاء مع صحافيين في دبي “نشعر أن (…) هناك حاجة إلى اختراق استراتيجي”، مشددا على أن سياسة الدولة العربية “في عدم التواصل مع إسرائيل لم يؤد في الواقع إلى حل النزاع وتلبية تطلعات الشعب الفلسطيني”.
وفي هذا السياق، تصاعد التوتر بشكل حاد بين إيران والولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد نشر معلومات مفادها أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتقد أن طهران تعتزم اغتيال دبلوماسية أميركية انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية في بغداد في كانون الثاني/يناير.
وحذّر ترامب من أن الردّ الاميركي على أي اعتداء إيراني سيكون “أقوى ألف مرة”. وحذّرت الجمهورية الإسلامية التي نفت هذه المعلومات، واشنطن من ارتكاب أي “خطأ استراتيجي”.
وقال ديفيد ماكوفسكي “لم يعد الشرق الأوسط كما كان في عهد أبي بل منطقة جديدة” رفضت فيها الجامعة العربية، في حدث استثنائي ، إدانة قرار الدولتين الخليجيتين.
وقال الدبلوماسي الاميركي السابق إن “الفلسطينيين سينتظرون ليروا ما سيحدث في الانتخابات الاميركية، لكن عندما تهدأ الأمور سيتعين عليهم اعادة التفكير في موقفهم”.
ويشكل الاتفاقان انتصارا لبنيامين نتانياهو ويقربان اسرائيل من هدفها بأن تكون مقبولة في المنطقة.
ويرى دونالد ترامب الذي يسعى لولاية ثانية ولم يحقق حتى الآن تقدما دبلوماسيا يُذكر للناخبين، في ذلك نجاحا يعترف به حتى خصومه الديمقراطيون.
ومنذ الإعلان في 13 آب/أغسطس عن الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي ومن بعده الأسبوع الماضي الاتفاق مع البحرين، لا يكف معسكر الملياردير الجمهوري عن الإشادة بعمله الذي يستحق برأيه جائزة نوبل للسلام.
وقبل ثلاث ساعات من توقيع الاتفاقين، أعلن ترامب أن “لا مشكلة” لديه في بيع مقاتلات أميركية من طراز إف-35 للإمارات العربية المتحدة رغم معارضة إسرائيل.
وقال ترامب متحدثا لشبكة فوكس نيوز “شخصيا، لن أجد مشكلة في ذلك، لن أجد مشكلة في بيعهم طائرات إف-35″، مشيرا إلى أن ذلك سيوفر “الكثير من الوظائف” في الولايات المتحدة.