24/11/2024

بوابة السـودان

صحيفة إلكترونية مستقلة

الدور المتقدم لكوريا الجنوبية في أفريقيا

إميليا كولومبو – مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

ترجمة أريج أحمد

كوريا الجنوبية تسعى لأن يكون لها وجودا في منطقة  “أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”. وإلى تحديد سياساتها واستراتيجيتها  تجاه المنطقة . وتحديد كيف يمكن أن تنسجم مع شبكة الشركاء الحاليين خاصة الولايات المتحدة.

تشرفت بتمثيل CSIS في ديسمبر 2019 في حوار سول الثاني حول أفريقيا وكان موضوعه “تكامل إفريقيا: الموروثات والآفاق الجديدة”. وقامت مؤسسة كوريا – إفريقيا ، وهي ذراع الخارجية الكورية باستضافة هذا الحدث. وتعتبر مؤسسة كوريا – إفريقيا  الجهة الرسمية، التي تعزز التعاون بين أطراف القطاع الخاص الكوري والإفريقي. جمعت المؤسسة خبراء من جميع أنحاء العالم لتقديم نظرة ثاقبة في الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية والأمنية الخاصة بأفريقيا إضافة إلى جمهور متنوع من الأكاديميين والممارسين والدبلوماسيين. وأظهر المؤتمر التزام سول بتعزيز مشاركتها ومساعدة نظرائها الأفارقة في تنمية اقتصاداتهم ، كما أشار المؤتمر ضمن فعالياته إلى الفرص المحتملة لتعميق التعاون مع الولايات المتحدة.

وقد وضح هذا المؤتمر مكانة سيول في أفريقيا وتطرق  لتاريخ “الموروثات” ففي عهد الرئيس “روه مو هيون” (2003-2008)، بدأت كوريا الجنوبية تجديد علاقاتها مع القارة. وأعلنت حكومتها في ذلك الوقت مبادرة (كوريا للتنمية الأفريقية) التي انطلقت في عام 2006 ، وعززتها بأول رحلة رئاسية إلى المنطقة منذ 24 عامًا. وحافظ على هذا التقليد خلفاؤه “لي ميونج باك” و”بارك كون هيه”.

وتضمنت الجلسة النهائية في هذا الحدث استراتيجيات الشراكة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين وتركيا مع إفريقيا ، مما يشير إلى أن صانعي السياسة الكوريين يرون أهمية هذه الدول لتطوير وتحديد مسارهم المستقبلي.

دعونا الآن نلقي نظرة على محور “آفاق جديدة” ، وهو المحور الحقيقي لهذا الحوار فقد كان الرئيس الحالي “مون جاي-إن” بطيئًا في تطوير سياسته تجاه المنطقة ، رغم أن وزير خارجيته زار غانا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا مؤخرًا. و إذا كان حوار سول حول إفريقيا يحوي أي مؤشر ، فإن “مون” يريد أن يتعامل مع إفريقيا من منظور جديد يركز فيه على الشباب والتكنولوجيا وريادة الأعمال. ولهذا استضافت مؤسسة (كوريا – إفريقيا) منتدى الشباب الكوري الأفريقي قبل المؤتمر مباشرة، والذي أتاح فرص للتواصل والنقاش حول الشركات الناشئة الأفريقية وفرصة لرجال الأعمال من الشباب الأفارقة والكوريين. وحسب جمعية GSMA 

التجارية يوجد أكثر من 442 مركزًا تقنيًا نشطًا في إفريقيا منذ عام 2018 ، وأن Amazon و Facebook و Google يستثمرون بالفعل في بعض هذه الشركات ، مما يجعل دعم  أصحاب المشاريع التقنية فرصة لشراكة مثمرة. أيضا قدمت مؤسسة كوريا – أفريقيا فرصة لطلاب الدراسات العليا الأفارقة لتقديم أبحاثهم لأقرانهم وللخبراء، مما يسلط الضوء مرة أخرى على نية سيول دعم الشباب الأفريقي وبناء علاقات مبكرة مع القادة المحتملين في مجال الصناعة والسياسة في أفريقيا.

والسؤال هنا هو ما إذا كان شركاء أفريقيا الراسخون سيسمحون- أو يعيقون بوجود كوريا المتنامي في أفريقيا؟ و هل سيدعون هذا الضيف الجديد يجلس على الطاولة معهم؟ أم سيرمون حقيبة على الكرسي الفارغ؟ 

الواقع ان القارة تحظى باهتمام كبير حاليا لأن النظراء الأجانب  في الغرب يرون انفتاحًا جديدًا وفرص للتجارة والاستثمار، بالإضافة إلى التهديدات المتزايدة من قضايا  مثل الإرهاب والجرائم والأوبئة والهجرة غير القانونية أما في حالة كوريا الجنوبية ، فأهدافها مختلفه عنهم ولكنها تتلاقى وتتفق مع أهداف الولايات المتحدة في مجال الشباب وريادة الأعمال. ولذلك على الولايات المتحدة أن تنظر إلى كوريا الجنوبية كحليف وشريك محتمل لتتقاسم معها المسؤوليات من أجل تحقيق أهداف استراتيجية مشتركة ويمكن لواشنطن أن تتعاون مع سيول حول القضايا التالية:

1- دعم رجال الأعمال. يمكن لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، من خلال قنوات رسمية وخاصة، التعاون من أجل معالجة بطالة الشباب وذلك بالتعاون مع  الوكالات الأفريقية ذات الصلة في تدريب وريادة الأعمال. يقدر بنك التنمية الإفريقي أن 12 مليون شاب أفريقي يدرسون ويعملون كل عام، في وقت تخلق فيه 3.1 مليون وظيفة جديدة في العام، مما يجعل مجال ريادة الأعمال ، وخاصة في قطاع التكنولوجيا ، الحل لمشكلة البطالة في أفريقيا. 

2- توفير المعرفة والتكنولوجيا للشباب. نظرًا لاحتضان الشباب الأفارقة للتكنولوجيا والسعي للحصول على تمويل للشركات الناشئة ،الأمر الذي يتطلب دعمًا لكل من المعلمين والأدوات التكنولوجية لجلب التعليم للشباب والأطفال, مع التأكيد على أهمية البحث ، التسويق ، نقل التكنولوجيا ، وخلق فرص العمل.

3- إصلاح البنية التحتية. يمكن أن تعمل كوريا الجنوبية جنبًا إلى جنب مع شركاء الولايات المتحدة في هذه الجانب، مستفيدة من تجاربها في الاقتصاد الرقمي للمساعدة في إيجاد أفضل طريقة للمضي قدمًا في إنشاء البنية التحتية اللازمة لدعم هذه الصناعة. ومن ضمن المبادرات الجادة التي قامت بها الولايات المتحدة في الفترة الماضية أن أطلقت شركة الاستثمارات الخاصة الخارجية الأمريكية (OPIC) مبادرتها “Connect Africa” ، في تموز (يوليو) 2018 والتي تستثمر أكثر من مليار دولار في المشروعات التي تدعم النقل والاتصالات في أفريقيا. كما أقر الكونغرس  في أكتوبر 2018 قانون “الاستخدام الأفضل للاستثمار” مع سقف إنفاق قدره 60 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية للأسواق الناشئة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي يونيو الماضي ، أعلنت وكالة التجارة والتنمية الأمريكية (USTDA) عن مبادرة “الوصول إلى إفريقيا” لدعم تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات عالية الجودة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وهي فرصة للتعاون مع الحكومة الكورية الجنوبية.

نظرًا لأن الولايات المتحدة تبحث عن شركاء في “أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى” ، يجب عليها التفكير في التعاون مع كوريا الجنوبية. إن محاذاة الأهداف والموارد والمشاريع ستمكن واشنطن وسيول ونظرائهم الأفارقة من دفع أفريقيا إلى الأمام في العقد القادم.

إميليا كولومبو باحثة في برنامج أفريقيا التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن (CSIS).

*منطقة “أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى” أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أو أفريقيا السوداء أو أفريقيا الزنجية من مصطلح زنجبار هو المصطلح المستخدم لوصف المنطقة من القارة الأفريقية التي تقع جنوب الصحراء الكبرى. وتُعد جغرافياً الحد الفاصل من الحافة الجنوبية من الصحراء الكبرى. ويقع السودان ضمن هذا التصنيف.