27/11/2024

بوابة السـودان

صحيفة إلكترونية مستقلة

الهجمات في دارفور تهدف الى إضعاف الحكومة الانتقالية وفق خبراء

يرى خبراء ومحللون أن الهجمات الأخيرة في دارفور في غرب السودان والتي تسبب آخرها الأحد بمقتل العشرات وبأضرار مادية جسيمة، تهدف الى إضعاف الحكومة الانتقالية في الخرطوم التي تخوض مفاوضات من أجل إرساء السلام في الإقليم المضطرب.

ويقول مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (سي أن آر أس) مارك لافرنيي الخبير في شؤون السودان لوكالة فرانس برس “إنها رسالة الى الخارج تهدف الى القول إن الحكومة تسيطر فقط على الخرطوم”، معتبرا أن مثل هذا الهجوم الذي وقع الأحد يشكل “تهديدا لاستقرار البلاد”.

ويضيف “هجوم خمسمئة رجل مسلح في سيارات ذات دفع رباعي تسير على طرق وعرة حتى تصل الى قرية كبيرة في ولاية غرب دارفور أمر يتطلب تنسيقا وتنظيما حقيقيا”.

وبحسب الأمم المتحدة، هاجم نحو 500 مسلّح السبت قرية مستيري الواقعة على مسافة 48 كيلومتراً من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وقتلوا أكثر من ستّين شخصاً، غالبيّتهم من قبيلة المساليت، وجرحوا ستين آخرين.

وتمّ نهب عدد كبير من المنازل في شمال القرية وجنوبها وشرقها، وإحراقها، كما تمّ تخريب نصف السوق المحلّية. ويقطن مزارعون متحدرون من قبيلة المساليت ذات الأصول الإفريقية القرية، وهم يعملون في الزراعة.

وشوهدت على مواقع التواصل الاجتماعي صور قدمت على أنها جثث الضحايا مغطاة بأقشمة متعددة الألوان، وبقايا منازل محترقة وحيوانات متفحمة. وقالت لجنة الأطباء المركزية في السودان إن الهجوم استمر تسع ساعات، مشيرة الى أن بين القتلى ثماني نساء، وبين الجرحى 19 طفلا وامرأة.

وجاء في بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة التابع للأمم المتحدة في الخرطوم أنّ الهجوم “يندرج في إطار سلسلة حوادث جرت الأسبوع الماضي وتُرجمت بإحراق قرى ومنازل وتخريب أسواق ومحال” في ولاية غرب دارفور.

وقال البيان إن أحداثا أخرى وقعت في الفترة من 19 الى 26 تموز/يوليو الحالي بمحلة الجنينة في غرب دارفور وخلفت عشرات القتلى والجرحى.

مسألة وجودية”

ويشهد إقليم دارفور منذ العام 2003 نزاعا بدأ عندما حملت مجموعات تنتمي الى قبائل من أصل إفريقي السلاح ضد حكومة البشير بحجة تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا. واستعان الرئيس السابق عمر البشير بالقبائل العربية في النزاع الذي تسبّب، وفق الأمم المتحدة بمقتل أكثر من 300 ألف شخص وفرار 2,5 مليون من منازلهم.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حق البشير بتهمة تنفيذ تطهير عرقي وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.

وأطاح الجيش بالبشير في نيسان/أبريل 2019 تحت ضغط احتجاجات شعبية استمرت أشهر، ما غيّر المعطيات على الأرض. وتحكم السودان حاليا حكومة انتقالية جعلت من المصالحة في المناطق المضطربة إحدى أولوياتها.

ويقول الكاتب عبدالله آدم خاطر الخبير في شؤون دارفور إن الموجة الأخيرة من العنف في دارفور “مرتبطة بسقوط نظام البشير. فخلال سنوات طويلة، مدّ النظام الميليشيات بالأسلحة وأعطاها الحقّ في مصادرة الأراضي حتى فرض ضرائب على المزارعين”.

ويضيف “بعد سقوط البشير، رفض المزارعون دفع الضرائب، بينما لا تزال أراضيهم التي فرّوا منها محتلة”، والمحتلون “يستخدمون القوة والترهيب” للحفاظ على وجودهم. ويعتبر أن الوضع “خارج عن السيطرة”.

ويقول مارك لافرنيي من جهته “بالنسبة الى الميليشيات التي تقوم بالهجمات، المسألة وجودية”، مضيفا “في حال نجحت الحكومة الجديدة وعاد الهدوء الى دارفور وتمكنّ الفارون من الرجوع الى مزارعهم، ستصبح هذه الميليشيا في وضع لا يسمح لها بإثارة الرعب والقيام بعمليات النهب”.

وتبلغ مساحة إقليم دارفور حوالى 400 ألف كيلومتر مربع، نصفها تقريبا صحراء، ويزرع المزارعون من اصل إفريقي الحبوب (الذرة والسمسم والفول السوداني) إضافة الى البرتقال على سفوح جبل مرة، السلسلة الجبلية التي تمتد في ولايات شمال ووسط وجنوب دارفور وهي خصبة وغنية بالمياه.

ويعمل السكان من أصول عربية في الرعي ويتنقلون مع حيواناتهم طلبا لمصادر المياه والعشب لإطعامهم. وبالتالي، فأحد أسباب الصراع الرئيسية يتمحور حول الموارد.

ومنذ سبعة أشهر، تتفاوض الحكومة الانتقاليّة السودانيّة مع حركات مسلّحة في دارفور من أجل التوصّل إلى اتّفاق للسلام، في مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان. وتتناول المحادثات ملكيّة الأرض.

وأعلن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الأحد أن الخرطوم تعتزم إرسال قوات أمنية إلى إقليم دارفور “لحماية المدنيين والموسم الزراعي”.

ويصف خاطر القرار بأنه “مهمّ للغاية ويعكس لمواطني دارفور أن الحكومة الانتقالية تهتم بأمنهم واستقرارهم”.