وقف إطلاق نار هش في ليبيا بعد أشهر من المعارك
طرابلس, 12-1-2020 (أ ف ب) – دخل اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا حيز التنفيذ الأحد بعد أشهر من المعارك عند أبواب طرابلس وعلى إثر مبادرة من أنقرة وموسكو ومباحثات دبلوماسية مكثفة فرضتها الخشية من تدويل إضافي للنزاع.
وأعلن رجل شرق ليبيا النافذ المشير خليفة حفتر الذي يسعى منذ نيسان/ابريل للسيطرة على طرابلس، الاتفاق قبيل دخوله حيز التنفيذ منتصف ليل السبت الأحد.
وبعد عدة ساعات، أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج موافقته كذلك على وقف إطلاق النار لكنه شدد على “الحق المشروع” لقوات حكومته بـ”الرّد على أي هجوم أو عدوان”.
ورحبت بعثة الأمم المتحدة بالإعلانين، وحثت الأطراف على “إفساح المجال أمام الجهود السلمية لمعالجة جميع الخلافات عبر حوار ليبي-ليبي”.
وبعد منتصف الليل بوقت قصير، سمع دوي مدفعية وسط طرابلس، قبل أن يسود هدوء حذر في الضواحي الجنوبية للعاصمة حيث تدور مواجهات منذ عدة أشهر بين قوات الحكومة وتلك الموالية لحفتر.
وبينما لم يتم الإعلان عن أي آليات لمراقبة وقف إطلاق النار، فإنّ سلطات طرابلس دعت “اللجان العسكرية المقترحة من الطرفين لإعداد الإجراءات الكفيلة بوقف إطلاق النار تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة”.
ومنذ بدء القوات الموالية لحفتر هجومها باتجاه طرابلس، قتل اكثر من 280 مدنيا، بحسب الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى مقتل أكثر من ألفي مقاتل ونزوح 146 ألفًا بسبب المعارك المستمرة في هذا البلد الغارق في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
- أنقرة وموسكو لاعبان رئيسيان
يأتي دخول الاتفاق حيز التنفيذ بعد سلسة من التحركات الدبلوماسية خلال الأسبوع الجاري، قادتها تركيا وروسيا اللتان فرضتا نفسيهما كلاعبين رئيسيين.
واتخذ الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين المبادرة الأربعاء بدعوة طرفي النزاع إلى وقف الأعمال العدائيةاعتباراً من الأحد.
ورحبت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا بالمبادرة لكن من دون إعطاء موقف واضح منها، فيما أعربت القوات الموالية لحفتر عن عزمها على استكمال الهجوم.
لكن بدا أنّ الجانبين تراجعا أمام الضغوط الدبلوماسية، في ظل الخشية من تدويل متزايد للنزاع الدائر عند السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.
وبينما تخشى أوروبا من تحوّل ليبيا إلى “سوريا ثانية”، التقت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في موسكو السبت بالرئيس الروسي.
وقال بوتين “آمل فعلا ان يكف اطراف النزاع الليبي عن اطلاق النار خلال بضع ساعات”.
ومن جانبها، رحبت ميركل بالجهود الروسية-التركية، آملة ان توجه قريبا “الدعوات الى مؤتمر في برلين ترعاه الامم المتحدة”.
وليلاً، أعرب الرئيسان الروسي والتركي في اتصال هاتفي عن “رغبتهما (…) في توفير مساعدة على جميع الصعد التي من شأنها دفع مسار الحل السياسي قدماً”، وفق الكرملين.
- مرتزقة
وكانت أنقرة تمنت على موسكو في وقت سابق إقناع المشير حفتر باحترام وقف إطلاق النار.
ونشرت تركيا في بداية الشهر الحالي جنودا في ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني، وجرى اتهامها بإرسال مقاتلين سوريين موالين لها لمواجهة قوات حفتر.
واتُّهمت موسكو بدورها بإرسال مئات المرتزقة لدعم قوات حفتر الذي يتمتع أيضا بدعم دولة الإمارات ومصر.
ونفى الرئيس الروسي مجددا السبت هذه الاتهامات قائلاً “في حال كان ثمة مواطنون روس هناك، فإنّهم لا يمثلون مصالح الدولة الروسية ولا يتلقون تمويلا منها”.
ومساء السبت، نددت الولايات المتحدة التي لا تستسيغ الانخراط الروسي المتنامي في ليبيا، بـ”نشر المرتزقة الروس (…) والمقاتلين السوريين المدعومين من تركيا”، وفق بيان صادر عن سفارتها.
وأشارت السفارة في بيانها إلى انّ مسؤولين أميركيين رفيعين التقوا الخميس في روما و”بشكل منفصل” المشير خليفة حفتر ووزير الداخلية فتحي باشاغا، الرجل القوي في حكومة الوفاق، بهدف التشجيع على “الحدّ من الأعماال العسكرية” واستنئاف الحوار بين مختلف الأطراف.