أهمية لقاء بومبيو بحمدوك في ميونخ
بقلم محمد شمس الدين / إعلامي وكاتب صحفي سوداني مقيم في القاهرة
لاشك في أن الخطوة الألمانية المباشرة برفع العقوبات كليا عن السودان قبل غيرها من الدول الكبرى, ستسرع من عملية رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب الأمريكية .
باختصار الخطوة الألمانية أبطلت مفعول الإجراءات الأمريكية التي مازالت سارية ورقيا.. فما جدوى تلك العقوبات ان لم يكن أحد سيلتزم بها من الكبار.. وبرلين تعني الاتحاد الأوروبي بأكمله.
ألمانيا كانت دائما في حالة شعور بالظلم من الولايات المتحدة وبلغ ذلك الشعور ذروته حين أصر ترامب على تدفيع ألمانيا وبقية دول حلف النيتو مزيدا من الأموال في حصتها في النيتو.. وقد أشار لهذا الأمر في العديد من خطاباته وآخرها خطاب حالة الاتحاد.
إضافة إلى الاجراءات التي أصر عليها ترامب لابطال مفعول اتفاق خمسة + واحد النووي بعد انسحابه من الاتفاق وإعادة العقوبات على طهران.
العلاقة المتوترة في مستويات مختلفة اقتصادية وسياسية بين برلين وواشنطن تترجم الآن في شكل تنافس على الفرص الاستثمارية في السودان.. فالنظام الفاشي الآيديولوحي سقط وماعادت له سيطرة على هذه المنطقة الخصبة من العالم التي تعرف واشنطن وبرلين وباريس وغيرها من عواصم الدول الكبرى أهميتها وقيمتها فقط من تجربتهم مع الصمغ العربي.. وهو المنتج الوحيد الذي كان مستوى من العقوبات الاقتصادية طوال فترة الثلاثين عاما.
بطبيعة الحال تحاول إدارة ترامب عبر الملف السوداني تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية داخليا وعينها على السباق الانتخابي ولذلك تتعامل مع الملف بأولوياتها هي.. لكن الخطوة الألمانية أربكت حسابات ترامب وإدارته ولذلك سمعنا هذا التصريح هذا الصباح.. فضلا عن جهودها الخارجية في ملف التطبيع مع إسرائيل والتي ستصب عنده داخليا في اكتساب مزيد من الأصوات.
الرجلان التقيا في ميونخ على هامش مؤتمر ميونخ للأمن و تجاذبا أطراف الحديث.. واضطر بومبيو لتقديم هذا الوعد الذي حتما لن يكون مجرد حديث غير رسمي .. بل ربما يكون قد بدأ تنفيذه الآن, فأمريكا تعرف جيدا حجم ألمانيا وربما لن تترك لها مكانا في الساحة السودانية.
وبناء على ما تقدم فإن إعلان السودان قبولها دفع 30 مليون دولار بعد أسقطت التهم من المحكمة العليا كان خطوة متسرعة حيث كانت هذه التطورات لتقود إلى نفس النتيجة دون الوقوع في فخ الإقرار غير المباشر بالمسؤولية عن ماحدث للمدمرة .. إضافة الى خسارة الملايين.