01/05/2024

بوابة السـودان

صحيفة إلكترونية مستقلة

من الشعب السوداني إلى أسماء عبد الله مع التحية

بقلم محمد شمس الدين / إعلامي وكاتب صحفي سوداني مقيم في القاهرة

حين يتسلم اي شخص مقرا جديدا سواء كان منزلا أو مكتبا أو محلا تجاريا فإنه يتخذ قرارا بإحداث تغييرات جذرية أو جزئية إلا أن الواجهة التي سترتبط بالساكن الجديد هي التي تستحوذ على القدر الأكبر من ذلك  التغيير.

وزارة الخارجية السودانية، بيت الدبلوماسية السودانية وواجهة البلاد التي سعينا جميعا لنرى معالمها وقد أزيل عنها الغبار بدأت فيها عملية إعادة البناء ولكن من الداخل دون أن يظهر أي مؤشر خارجي على أن هناك مجهودا يبذل.

خلال الفترة الماضية لجأت مرارا إلى موقع الوزارة وحساباتها على على وسائل التواصل الاجتماعي علي أجد ما يقطع الشك باليقين في مايخص بعض التصريحات المتضاربة والتي تنسب للوزارة أو الوزيرة وكنت أخرج منها جميعا خائب الرجاء في كل زيارة.

سأسمح لنفسي أن أكتب نيابة عن الشعب السوداني لاسيما المغتربين منهم إلى وزيرة الخارجية السيدة أسماء عبد الله بأن تلتفت إلى موقع الوزارة على الانترنت، الموقع الذي مايزال في حالة مزرية بمعنى الكلمة.. كالبيت الذي هجره من كان يسكنه دون إزالة مخلفاته، لدرجة أن تصريحات وصور الوزير السابق مازالت في أولى الصفحات على الموقع الذي يستقبلك برسالة تحذير مفادها أن الموقع غير آمن! وعليك أن تحذر تبادل أي معلومات خاصة.. وهذه رسالة تحذير سببها أن من عمل على تصميم الموقع استرخص شراء خاصية الحماية من الاختراقات لموقع حكومي.

إضافة إلى الموقع هناك صفحات تحمل اسم الوزارة على موقع فيسبوك وتويتر “وهي غير موثقة طبعا” وبها عنوان بريد إلكتروني يتبع لموقع تجاري مجاني مخصص لمراسلة الوزارة، وآخر منشوراتها صور لغندور مصورة بالهاتف المحمول!  

من تعاقبوا على إدارة الوزارة خلال الثلاثين عاما الماضية لم يكونوا على دراية بأهمية الموقع الإلكتروني أو ربما كانوا على دراية بأهميته لكنهم كانوا يخشون تبعات أن يعملوا في النور والعلن، فتعمدوا تجاهل الموقع ليساعدهم ذلك على التخفي وعدم الالتزام أمام الرأي العام المحلي والعالمي بشيء.

 أن يكون لديك موقع إلكتروني مسنود بفريق دعم قوي يقوم على تطوير الموقع يوميا فيما يتعلق بتقديم الخدمات القنصلية للجمهور وينشر كل ما يرتبط بالسودان وعلاقاته الخارجية من تصريحات ومواقف سياسية أمر أساسي لا يفترض أن يكون محل نقاش، كما توفير الخدمات القنصلية والحصول على تأشيرات الدخول لغير السودانيين كان ليدعم ميزانية الدولة بشكل مباشر ويوفر وقتا و مجهودا بيروقراطيا كبيرا بدلا من عملية تجنيب الأموال التي تتم جبايتها من المواطنين بغير وجه حق.

نعلم ونقدر جميعا مدى الانشغال الشديد للوزيرة بالملفات الساخنة المحلية والاقليمية والملفات الداخلية الإدارية.. ولكن الأمر لا يحتاج إلا لتكليف فريق لمباشرة الأمر وإنجاز مهمته خلال مدة أقصاها شهر.

وأستغل السانحة بما أن الموضوع يتعلق بالخارجية لأشير إلى مسألة أرقت كثيرا من السودانيين وهي رسوم الخدمات القنصلية الأساسية التي تقدم عبر البعثات الدبلوماسية والتي لا يضبطها معيار محدد ويعاني بسببها جميع المراجعين كرسوم جواز السفير الجديد إذ لا يعقل أن يكون رسم تجديد جواز السفر عشرة أضعاف الرقم الذي يدفع في السودان.. جواز السفر ليس سلعة تخضع لمستويات القوة الشرائية في بلد دون آخر.. كما أن بقية الخدمات القنصلية تحتاج لمزيد من الترقية حتى يشعر المواطن السوداني بأن بلاده تميزه وتقدم له خدمة مميزة.

 أعتقد أن الوقت حان لتصدر الوزيرة الموقرة قرارات عملية مستعجلة تشكل بموجبها لجان مختصة بتطوير الشق القنصلي ليكون العمل على توفير ما يحتاجه المواطن السوداني موازيا للهيكلة الإدارية التي هي إحدى مطلوبات التغيير الأساسية التي نادت بها ثورة ديسمبر المجيدة.

 صحيح أن جزءا من هذه المجهودات يفترض أن تقوم بها لجنة مختصة في المؤسسة التشريعية فيما يتعلق بإعداد ومراجعة القوانين، إلا أن الأرضية القانونية الآن ربما تتيح قدرا كبيرا من المرونة التي قد تتأخر لو تأخر تحرك الوزيرة في هذا الاتجاه، ويعلم الجميع أن الوزيرة وفريق عملها لديهم الشرعية الكاملة لتطرح هذه الأفكار وغيرها في المجلس التشريعي المؤقت الذي يقوم بدوره الآن مجلسا السيادة والوزراء ويتخذان  ما يلزم من قرارات.

ولا ضير في استنساخ تجارب الغير الناجحة حيث أنها ليست حكرا على بلد معين ومعيار تلك التجارب القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تهدف لتفعيل حقوق الإنسان حول العالم.

نتمنى أن لا تنقضي الستة أشهر المقبلة إلا وقد تمكنت وزارة الخارجية من زيادة عدد الدول التي يمكن السفر إليها إلى عشر دول على الأقل، وسقف طموح الشارع السوداني مرتفع والأمل كبير في إحداث نقلة نوعية في الوزارة تعزز ثقة الشارع في حكومة الفترة الانتقالية وكلمة السر هي “كسب الوقت”.